الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا رسول الله صلى الله عليه وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد:
أول من آمن :
ولما دعا إلى الله: استجاب له عباد من كل قبيلة. فكان حائز السبق: صديق الأمة أبا بكر رضي الله عنه. فوازره في دين الله. ودعا معه إلى الله. فاستجاب لأبي بكر عثمان وطلحة وسعد رضي الله عنهم.
وبادر إلى استجابته أيضًا صديقة النساء خديجة رضي الله عنها. وبادر إلى الإسلام علي بن أبي طالب رضي الله عنه. وكان ابن ثمان سنين، وقيل: أكثر. إذ كان في كفالة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخذه من عمه.
قصة عمه أبي طالب لما حماه بنفسه وماله وعياله وعشيرته. وقاسى في ذلك الشدائد العظيمة. وصبر عليها، ومع ذلك كان مصدقًا له، مادحا لدينه، محبا لمن اتبعه، معاديًا لمن عاداه، لكن لم يدخل فيه. ولم يتبرأ من دين آبائه، واعتذر عن ذلك بأنه لا يرضى بمسبة آبائه. ولولا ذلك لاتبعه. ولما مات - وأراد النبي صلى الله عليه وسلم الاستغفار له - أنزل الله عليه: { مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي }{ قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ } (1) .
فيا لها من عبرة ما أبينها ! ومن عظة ما أبلغها ! ومن بيان ما أوضحه ! لما يظن كثير ممن يدعي اتباع الحق فيمن أحب الحق وأهله، من غير اتباع للحق، لأجل غرض من أغراض الدنيا.
_________
(1) الآية 113 من سورة براءة.